السبت, ديسمبر 7
Shadow

هل فعلا …مايوت هي فرنسا .. وعلى الإسلام أن يرحل منها !

يوم أن كانت الجزائر تحت نيران الاحتلال الفرنسي، كان قادة الاحتلال يرددون قائلين: “الجزائر فرنسية إلى الأبد… الجزائر هي فرنسا ، وعلى محمد أن يأخذ عصاه ويرحل منها!…”

لكن الله يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : “إن شانئك هو الأبتر”. لقد رحل الفرنسيون من الجزائر وهم صاغرون، أخذوا عصاهم ورحلوا بلا رجعة، وبقيت الجزائر لمحمد ودينه فأكرم به من دين، وأنعم به من نبي بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

نعم بقيت الجزائر للإسلام ولكن بعد أن قدمت الثمن، لقد قدمت حوالي مليون ونصف مليون شهيد، نسأل الله أن يتقبلهم.

العجيب أن فرنسا لم تعتبر بدرس الجزائر وشعبها المسلم الأبي، فهذا هو الرئيس الفرنسي اليوم يكرر نفس الخطاب في جزيرة مايوت المسلمة القمرية المحتلة، ويستخدم نفس الكلمات ويصرح قائلا “مايوت هي فرنسا…، ولن أسمح لأية قوة خارجية أن تقف ضد فرنسية مايوت … وعلى النفاق أن يرحل منها”… والنفاق الذي يعنيه ساركوزي هو الإسلام كما سيتضح قبل نهاية هذا المقال إن شاء الله.

لكن الشعب القمري لن يتخلى عن أرضه مهما كان الثمن ومهما طال ليل الغاصبين، وستبقى جزيرة مايوت للإسلام كما بقيت أختها الجزائر لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم.

 

جزر القمر والمؤامرة على مايوت

 

على بعد أكثر من 8 آلاف كم من فرنسا، في المحيط الهندي، وعلى مقربة من جزيرة مدغشقر وفي قناة موزمبيق بالتحديد– حيث أحد أهم ممرات للنفط الخليجي والتجارة العالمية – في هذا الموقع، تقع جزر أربعة، جميلة المنظر صغيرة المساحة، قليلة السكان، كبيرة المعاني، فتحها العرب وسموها جزر القمر، وسموا الجزيرة الثانية خاصة بِ “جزيرة الموت”!. ظل العرب المسلمون في هذا الأرخبيل القمري الجميل إلى سنة 1841م حيث احتل الفرنسيون جزيرة الموت وحرفوا اسمها إلى “جزيرة مايوت Ile de Mayotte”” ، ثم احتلوا الجزر الباقية واحدة تلو الأخرى وحرفوا اسم جزر القمر إلى “جزر كمور Iles Comores””.

 

في عام 1958م أعلن الرئيس الفرنسي ديجول إجراء استفتاء في جميع مستعمرات فرنسا وبخاصة في القارة الإفريقية للاختيار بين الاستقلال أو البقاء تحت الاستعمار الفرنسي. اختار القمريون الخيار الثاني، فأعطتهم فرنسا حكما ذاتيا يحكمه مندوب فرنسي ويعاونه مجلس وزراء قمري ، مارست الوزارات القمرية سلطات واسعة باستثناء شئون الدفاع والخارجية(الدبلوماسية).

ولكن خيار البقاء تحت الاستعمار في هذه المرحلة لم ترض كثيرا من أبناء الشعب القمري فنتجت عن ذلك موجة اضطرابات في الداخل، واتخذت فرنسا حيال هذه الاضطرابات أساليبها المعتادة من قتل وتشريد وحبس وغيرها من الأساليب الوحشية تجاه شعب مسلم أعزل معروف بدماثة الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين.

ومن هنا بدأت الحركة الوطنية نشاطها منذ عام 1383هـ/1963م، واتخذت من دار السلام في تنزانيا مركزا لنشاطها السياسي.

وفي 14 جمادى الأولى 1393هـ/15يونيو1973م وقعت معاهدة باريس ونصت على أن تحصل جزر القمر على الاستقلال على مدى خمس سنوات بعد استفتاء عام يجرى بين سكانها ويكون المعتبر فيه النتيجة الكلية للجزر الأربعة وليست نتيجة كل جزيرة على حدة، وأجري الاستفتاء في 22/12/1974م واختار 96% من الشعب الاستقلال، فأعلن مجلس النواب الاستقلال وسموا البلاد بِ “جمهورية جزر القمر الاتحادية الإسلامية” في 27 جمادى الآخرة1395هـ/ 6 يوليو 1975م.

 

سارعت المنظمات الدولية إلى اعتراف استقلال الجزر الأربعة عن فرنسا، وفي مقدمتها الأمم المتحدة في قرارها رقم (3385) بتاريخ 12 نوفمبر1975م، ثم الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي وغيرها من المنظمات العالمية.

لكن اليمين الفرنسي خاصة لم يعجبه الخيار القمري وبدؤوا يشتاقون إلى هذا الأرخبيل القمري الاستراتجي الجميل، ففكرت فرنسا أن تستغل نتائج مايوت – حيث كانت النتائج هناك لصالح الاستعمار- ففكرت أن تستغلها لتحقيق مآربها الاستعمارية، و في العام التالي (1976م ) مباشرة أجرت فرنسا استفتاء آخر في مايوت – التي لم تعد تحت إدارتها- وفاز الاستعمار طبعا في هذا الاستفتاء الجائر والغير شرعي! علما بأن غالب من صوتوا في هذا الاستفتاء، من المرتزقة الفرنسيين وبعضهم جاؤوا بهم من فرنسا لأجل مسرحية التصويت!

إن فرنسا بجشعها وكيدها أرادت أن تبقي نفوذها في المنطقة فأصرت أن تبقي مايوت تحت سيادتها لتكون منفذا إلى هيمنة الجزر الأخرى ومدخلا إلى دول منطقة المحيط الهندي وخيراتها وثرواتها. فرفضت فرنسا أن تسلم جزيرة مايوت إلى القيادة القمرية رفضا باتا منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا، وكل من سولت له نفسه من القمريين وأراد أن يطالب بعودة مايوت، فمصيره القتل، رئيسا كان أو مرؤوسا، فقتلوا لأجل ذلك الرئيس علي صالح، ثم قائد الاستقلال الرئيس أحمد عبد الله عبد الرحمن- الذي كان يشبه “جزر القمر ببقرة ذات أربعة قوائم قطعت فرنسا القائمة الرابعة”[يعني الجزيرة الرابعة: مايوت] ، فأنى لهذه البقرة ذات الأرجل الثلاث أن تمشي؟!! – وغيرهم ممن اغتالوهم سرا وجهرا، ويكفي أنه منذ استقلال هذا البلد الصغير إلى الآن نفذت فرنسا أكثر من عشرين انقلابا ومحاولة انقلاب عسكرية، تطيح بذلك بمن تشاء وتولي من تشاء.

 

جزر القمر بين الاحتلال والتشييع و التنصير (المؤامرة الثلاثية)

 

الكثير يتساءل عما يقدمه النظام القمري الحاكم من تنازلات في قضية مايوت وسكوته العجيب (بالكلام الدبلوماسي) في مسألة تحويل هذه الجزيرة إلى مقاطعة فرنسية. فبالرغم من كل ما فعله العدو بشعبنا ورؤسائنا، يظل البيان الرسمي القمري ثابتا لا يتغير: “فرنسا هي صديقتنا”! يقولونه بمناسبة و بدون مناسبة، و لعل هذا مما جعل كثيرا من الكتاب الفرنسيين يستهزؤون بالشعب القمري، حتى بلغ التكبر بهؤلاء مبلغ الطغيان إلى درجة أنه قبل بضعة أشهر فقط ، وصف أحدهم القمريين بأنهم “يحبون فرنسا أكثر من حبهم لجنة الله!” وذلك في كتاب منشور ومتداول، فأي ذل بعد هذا يا قوم؟.

وجدت بعض الكتاب والمحللين المسلمين يؤكدون بأن هناك ثمة اتفاق سري بين فرنسا وبين المبشرين بالمذهب الشيعي في جزر القمر!، مفاده أن يسكت كل طرف عن مشروع صاحبه ويكتفي بالتنديدات الإعلامية، ليكون الشعب القمري المسلم البريء هو ضحية هذه المؤامرة الثالوثية: الاحتلال+التشييع+ التنصير.

لذلك استقبل أول أسقف للكنيسة النصرانية القمرية- والذي عينه بابا الفاتيكان الشهر الماضي ، وسيعمل تحت أوامره دون واسطة- استقبل في بيت السلام، (قصر رئاسة جزر القمر المسلمة)- استقبال الفاتحين. ولم تتوقف المسرحية هنا فقد اختاروا أسقفا يحمل اسم القمريين لتسهل عملية ابتلاع الشباب القمري. هذا الأسقف النصراني من دولة توغو لكن اسمه قمري مائة بالمائة فاسمه: ماهوزا Mahouza ، فلا أهلا ولا سهلا نزلت يا عابد الصلبان.

 

في محاضرة قيمة بعنوان “أنا خائف” سمعت الشيخ الدكتور سلمان العودة – حفظه الله- يذكر جزر القمر كمثال ونموذج للشعب المسلم الذي ثبت وصمد بعقيدته أمام التنصير رغم شدة الفقر والحاجة، فلم يستطع المبشرون الفرنسيون أن ينصروا ولو قمريا واحدا طيلة الاستعمار الذي استغرق حوالي قرن ونصف قرن!

فهل ينجح هذا الأسقف الجديد حيث فشل أسياده؟! أسأل الله أن يخيب رجاءهم، ولكن الشاهد أن المؤامرة على الشعب القمري مستمرة وخطيرة يا دكتور سلمان، ولو كان سهما واحدا لاتقيته، ولكنه سهم وثان وثالث، هو تنصير واحتلال وتشييع، لذلك “أنا خائف أيضا” يا شيخنا! “وأخاف أن يقتلون”!.

 

مايوت … من جزيرة الموت إلى جزيرة الحياة

 

نعود إلى القضية المحورية الكبرى- قضية مايوت- فنقول : لم تكن تسمية الجزيرة الرابعة باسم جزيرة الموت من باب الصدفة، فقد أشارت الروايات إلى أن العرب سموها كذلك لأن سفن بعض الرحالة القدماء، كانت تتحطم عند شواطئ هذه الجزيرة، والحق الذي لا ريب فيه أنه قد سبق في علم الله تعالى أن هذه الجزيرة ستكون كاسمها، وستحولها فرنسا إلى “جزيرة الموت” حقا، فهي الآن تعتبر (أكبر مقبرة) في المحيط الهندي، ومن باب الأمانة العلمية فليعلم القارئ الكريم أن هذا الوصف الذي بين قوسين قد أخذه الكاتب من الإعلام الفرنسي نفسه!

 

رغم الاحتلال الفرنسي لمايوت بقي التنقل بين الجزر الأربعة ميسورا وبدون عوائق تذكر إلى عام 1995م حيث فرضت فرنسا على القمرين تأشيرة دخول إلى مايوت! يعني تأشيرة دخول إلى ديارهم وبيوت آبائهم وأمهاتهم! ثم نصبوا الغواصات في البحر لتغرق أية سفينة أو باخرة تحاول أن تنقل قمريين إلى جزيرتهم الرابعة، فقتلوا جراء هذا أكثر من 7.000شخص، أقول بالحرف: قتلوا إلى الآن أكثر من سبعة آلاف مسلم قمري غرقا في البحر، ولا يكاد يمر شهر إلا وتسمع عن سفينة غرقت في هذا البحر! كنت أتساءل وأقول: بأي ذنب يقتل هؤلاء المساكين؟ إلى أن وجدت الجواب في قوله تعالى “وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد”.

ثم إنه من وُفق ونجا من الغرق ودخل مايوت سموه “متسللا” و “مهاجرا غير شرعي…” وغير ذلك من مصطلحاتهم الجهنمية الغاشمة.

ولا أدري أيهم أحق بالتسلل؟: الفرنسيون الذين جاؤوا من بعد آلاف الكيلومترات، أم القمريون الذين جاؤوا من البيوت المجاورة، ومن مسافة لا تجاوز عدة دقائق؟؟.

إنهم يقتلون المسلمين بالآلاف ولا تكاد تسمع همسا، ولو أصيب واحد فقط من رعاياهم بشوكة في أي مكان في العالم، يقيمون الدنيا كلها ولا يقعدونها.

لكن الشعب القمري المسلم الأبي، مصمم على تحرير هذه الجزيرة مهما طال ليل الظالمين فيها، لتتحول مايوت من “جزيرة الموت” وتصبح بإذن الله جزيرة الحياة لهم ولأجيالهم الصاعدة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

فلم يعد يوم مايوت يوما واحدا في العام كما يريد الفرنسيون السود عندنا- بل نسمع نداءات تحرير مايوت في كل يوم طلعت فيه الشمس، ونقرأ هذه النداءات في الجرائد والمجلات ونسمعها في المحاضرات يوميا ولله الحمد.

بلغني أنه في إحدى المحاضرات الرمضانية التي ينظمها طلبة جزر القمر في السنغال، خرج الأخ المحاضر عن الموضوع قليلا وتطرق إلى قضية مايوت، فبكى كثير من الإخوة الحضور لمجرد سماع ذكر قضية مايوت، أليس هذا من المبشرات؟ إن هؤلاء الشباب ليسوا من طلبة الأزهر ولا من الجامعة الإسلامية… بل هؤلاء في جامعات السنغال العلمانية، يعني مثقفون بالثقافة الفرنسية أي ثقافة العدو نفسه (أأمثال هؤلاء يصح أن يقال فيهم إنهم يحبون فرنسا أكثر من الجنة؟!)،… لكن لا تعجب فزيارة الرئيس ساركوزي الأخيرة نفسها مليئة بمبشرات أرى أنها أعظم بكثير وأحلى من هذه كلها، وهاك بعضها…

 

بشريات النصر من خطبة الرئيس ساركوزي في مايوت

 

في 18 يناير 2010م وقف الرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي في مايوت خطيبا أمام حشد كبير من القمريين والمحتلين الفرنسيين وأشباههم، وحجم هذه الخطبة حوالي 177 أسطر في 5 صفحات بخط عادي الحجم. بعد الاستماع الأول أو القراءة الأولى للخطبة قد يشتد حزن المتابع وأسفه على مايوت، لكنه بعد التكرار سيكتشف بأن خطبة ساركوزي هي عبارة عن مبشرات النصر للشعب القمري الصامد، وتأكيد بأن العاقبة للموحدين، ولعل من أهم هذه المبشرات ما يلي:

 

أولا: استهل السيد ساركوزي خطبته بالتحية القمرية وبلسان قمري مبين:”كوزي وماوري!KWEZI WA MAORE “. وهذا دليل واضح على قمرية مايوت، واعتراف منه بأن أهل مايوت – رغم طول الحصار وشراسة المؤامرة – لم يتأثروا بالفرنسية كثيرا ، مثلهم في ذلك كمثل إخوانهم في الجزر الثلاث الأخرى لا يحسنون الفرنسية إلا بشق الأنفس!، فاحتاج رئيس الاحتلال أن يحييهم بلغتهم الأم.

ثم إن هذه التحية يقولها الصغير للكبير!!! وهنا يعترف رئيس الاستعمار ثانيا بأنه الأصغر، وأن صاحب الدار أكبر وأقوى من السارق دائما مهما كان زيه وزبانيته، وسيظل الظالمون الذين لا يدينون دين الحق أذلاء أينما ثقفوا “حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون”. وتلكم واحدة.

 

ثانيا: يقول السيد ساركوزي:” كان لا بد ان تنتظروا يا أصدقائنا 51 سنة حتى تسمعكم السلطات الفرنسية وتصبح مايوت مقاطعة فرنسية”

قلت: إذا كانت مايوت هي فرنسا كما كرر سيادة الرئيس مرارا، فلماذا تقف مايوت في هذا الطابور الطويل وتنتظر 51 سنة؟ بل قرن ونصف قرن؟

إن الحقيقة أنه لم يكن سهلا أن يجدوا في الشعب القمري المسلم المعتز بدينه، من يكلمهم بلسانهم وينفذ مخططاتهم، فاحتاجوا إلى هذه المدة ليغسلوا العقول ويأخذوا الغافلة المريضة منها، لذلك مازال الرئيس ساركوزي يردد بأن تحويل مايوت إلى مقاطعة فرنسية سيأخذ وقتا، وسيكون “بشكل تدريجي d’une façon progressive”.

وهكذا تدريجيا إلى أن وجدوا ضالتهم أخيرا في أمثال المسمى قمر الدين منصور (نائب سابق عن مايوت) الذي وقف في البرلمان الفرنسي في عام 2003م يقول بأن تعدد الزوجات في مايوت عار وظلم واستعباد للمرأة المايوتية، فنتج عن ذلك قانون برلماني يحرم تعدد الزوجات في مايوت المسلمة وذلك في يوليو2003م. فلا أدري والله، أي قمر وأي دين يتسمى به هذا المخدوع ؟ وأي نصر ينتظره المخدور؟.

 

ثالثا: السيد ساركوزي يعترف بأن المطالبين بانضمام مايوت إلى فرنسا نساء! فها هو يقول: نساء مايوت مازلن يطالبن قائلات “نريد أن نكون فرنسيين لنكون أحرارا” فيجيبهن قائلا:اليوم أنتم فرنسيون، وأنتم أحرار” ..

Ces femmes de Mayotte proclamaient: “Nous voulons être français pour être libres” … Aujourd’hui vous êtes français et vous êtes libres…

 

جاء الضمير مذكرا –رغم كون المطالبين نساء- ليكون عاما كما يبدوا فهو يرجع إلى أحرار أهل مايوت جميعا نساء.. ورجالا، لكن انظروا كيف يقلب الأوراق ويسمي الاستعمار حرية. قال تعالى “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”. ثم انظروا كيف يستغل النساء الضعيفات ويضعهن في الصف الأمامي في معركته الاستعمارية هذه، تالله لو كان محقا لبارزنا بالرجال.

يا قوم إن ساركوزي هذا من دعاة العري تحت مسمى حرية المرأة، فهو الذي قاد معركة تحريم النقاب والحجاب الشرعي في فرنسا، ومنع المسلمات المحجبات العفيفات من حق الدراسة لتبقى حق التعلم للعاريات فقط! لأن الحجاب حسب فتوى فضيلة الشيخ ساركوزي”ليس من الإسلام … بل هو سجن محمول”!. تلكم هي الحرية التي جاءكن بها السيد ساركوزي يا أخواتنا في مايوت وفي غيرها.

 

فهل فهمت تلك الأخت المايوتية التي انسلخت من معاني الحشمة فجاءت وقبّـلت نيكولا ساركوزي المجرم أمام الملإ ودون حياء ؟!. يا أخت كوني حرة حقا وتوبي إلى الله قبل أن يأتيك يوم لا ينفعك فيه مال نيكولا ولا شكولاته، تحرري أختاه قبل أن يستعبدك العبيد.

 

عودي وقولي لقاتل أمهاتنا ساركوزي هذا: “تجوع الحرة ولا تأكل من ثديها”، رددي في وجهه الملطخ بدماء آبائنا وإخواننا – رددي قول فاروق الأمة إذ يقول لأمثاله : “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!”

إن هؤلاء لم يتجرؤوا على الإسلام ولم يعربدوا بنساء المسلمين إلا بعدما تيقنوا أن عمر بن الخطاب الذي كانوا يفرُقون منه ويخشونه قد مات رضي الله عنه.

أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد * تجده كالطير مقصوصا جناحاه

كم حكمتنا يد كنا نحكمها * وبات يقهرنا شعب ملكناه

يا من رأى عمرا تكسوه بردته * والزيت أدم له والكوخ مأواه

يهتز كسرى على كرسيه فرَقـًـا * من بأسه وملوك الروم تخشاه

هي الحنيفة عين الله تكلؤها * فكلما حاولوا تشويهها شاهوا

 

سيادة الرئيس ساركوزي، اعلم هداك الله، أننا نحن الأحرار، لأن عقيدتنا علمتنا أن لا نركع إلا لله، إنها تحررنا من عبادة العباد – أمثالك- إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، نحن لا نسبح بحمد المستعمر أبدا، ولن نذل للشرق ولا للغرب، نحن مسلمون، لا ننحني ولا نسجد للشمس ولا للقمر، بل لله الذي خلقهن، لذلك نحن الأحرار، نحن أحفاد عمر.

 

رابعا: واصل السيد ساركوزي يقول: عليكم أن توقفوا هذا النفاق أعزائي المواطنين!

“Il faut mettre fin à une hypocrisie, mes chers compatriotes!”

 

في معرض الحديث عن بعض أهل مايوت الذين يدافعون عن إخوانهم الذين جاؤوا من الجزر الأخرى ونجو من الغرق، فيحمونهم ضد بطش المحتل قبل أن يئدهم في البحر أحياء، ويوفرون لهم فرص العمل – هذا العمل يسميه ساركوزي نفاقا يجب أن يوقفه أهل مايوت!! ثم يرمي على أهل مايوت مسئولية كل من مات غرقا من القمريين! يعني يرميهم بدائه لينسل هو!

إن هذا “النفاق” الذي يجب أن يتوقف في مايوت وأن يخرج منها كما يريد ساركوزي، والله هو عين الإسلام وهو رأس عقيدة الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من الشرك وأهله ، وهذا هو أصل الدين وعماده الأكبر، إنه شق التوحيد ، وعروة هذه الملة التي لا انفصام لها “فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله، فقد استمسك بالعروة الوثقى”. فهنيئا لكم يا أهلنا في مايوت بهذه العروة، استمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ إلى أن يأتي نصر الله والفتح.

عندما يرميك المجذوم ويتهمك بالحمى فأبشر بالعافية يا عبد الله، عندما يتهمك الكافر بالنفاق فأبشر بصحة الإيمان وسلامة العقيدة. وعندما يرميك رئيس الكفر والتيه، بالضلال بعد طول غياب فأبشري أنت بقرب العودة يا مايوت.

 

خامسا: يعترف ساركوزي بأنهم لم يكسبوا معركة مايوت بعد، وأنهم أبعد ما يكونون من النصر،

“Le combat est loin d’être gagné!”

ويا سبحان الله، لماذا يسميها معركة؟ وهل هي كذلك؟ وإذا كانوا لم يكسبوها بعد مرور ما يقارب قرنين من الزمان، فمن الذي كسب هذه المعركة؟ ومن المنتصر في النهاية؟ اللص أم صاحب الدار؟ “ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون. إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين”!! الأنبياء 105-106

 

سادسا: ساركوزي يتحدى في خطبته، كل القوى العالمية ويعتبر المطالبة باستقلال مايوت خطا أحمر لن يسمح بتجاوزه!

إذا رأيت فرعون يطغى في الأرض ويتحدى كل القوى بسحر فعله وقوله “أنا ربكم الأعلى” فبشره بموسى وعصاه… بشر الطاغي بالغرق العاجل ثم بشر موسى عليه السلام ومن معه بالنصر والتمكين.

وإذا رأيت ساركوزي متبجحا يزمجر ويتحدى قائلا: أليس لي ملك “مايوت” وهذه الأنهار تجري من تحتي؟ فبشر الشعب القمري بفجر صادق وبصبح قريب، بشر القمريين بفتح الجزر كلها وتحرير مايوت، بشرهم عسى الله أن يهلك عدوهم ويستخلفهم في الأرض.

 

في الحقيقة يصعب على المرء حصر بشريات النصر من خطبة هذا الرجل… لكن اللبيب بالإشارة يفهم…

 

شبهات حول قضية مايوت والرد عليها

 

الشبهة الأولى: لا طاقة لنا اليوم بفرنسا وجنودها

 

->>> إلى الذين يرددون هذه الحجة اليهودية الهشة نقول “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”، أليس “صاحب الدار أقوى من اللص دائما؟”، أما هزم بنو صهيون في معركة غزة الأخيرة؟ هزموا لأنهم أهل الانهزام وهم مخترعو هذه الحجة “لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده”. لقد واجههم خمسة آلاف من حملة القرآن في غزة خلال معركة”الفرقان” فهزموهم بإذن الله وانقلبوا صاغرين. لقد غلبت فئة غزة القليلة في العدد والعدة، غلبت أكبر قوة نووية في المنطقة بل الوحيدة.

فإذا كان بعض المنهزمين من بني جلدتنا يكررون اليوم هذه المقولة اليهودية، وإذا كان ساركوزي يتحدى كل القوى العالمية ويقول بأنه لن تستطيع أية قوة خارجية أن تقف في وجه فرنسا ضد تحويل مايوت إلى مقاطعة فرنسية، فإن سلفه الرئيس شيراك يقول عكس ذلك تماما إذ يقول ” لن يستطيع أكبر جيش في العالم الوقوف أمام شعب”!

 

و أهل اليقين والتوحيد يقولون لهم ولأمثالهم جميعا -: “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين” البقرة 249.

فهلا تدبر المنهزمون المثبطون هذه الآية؟ هلا قرؤوا تفسيرها حق القراءة؟ وهل يتعظ ساركوزي بمن سبقه وبمن هو أكبر منه حنكة وسياسة وسنا؟ مادام لا يتعظ بالقرآن؟ هل يعي قول شيراك جيدا قبل فوات الآوان؟.

 

إن العبرة الكلية للآية السابقة ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله…)): هي أن هذه الانتفاضة، انتفاضة العقيدة، على الرغم من كل ما اعتورها أمام التجربة الواقعة، من نقص، وضعف، ومن تخلي القوم عنها فوجا بعد فوج، في مراحل الطريق، على الرغم من هذا كله، فإن ثبات حفنة قليلة من المؤمنين عليها، يحقق نتائج ضخمة جدا للموحدين الصامدين، يحقق لهم النصر والعز والتمكين، بعد الهزيمة المنكرة، والمهانة الفاضحة، والتشريد الطويل، والذل تحت أقدام المتسلطين!(انظر الأستاذ سيد قطب رحمه الله، في ظلال القرآن).

 

في بداية القرن الماضي كان قائد الثورة السورية، سلطان باشا الأترش يقول: ” ما ضاع حقٌ وراءه مُطالِب”، فكيف وقضية مايوت حق وراءه حوالي مليون مطالب بل وراءه شعب مسلم بأكمله يطالبه، إن لم أقل الأمة بأكملها؟ لا … وكلا.. لن تضيع مايوت.

 

الشبهة الثانية: أهل مايوت هم الذين رضوا بأن يكونوا تحت الاحتلال وصوتوا لصالح ذلك:

 

كان آخر هذه الاستفتاءات استفتاء العام الماضي (29 مارس 2009م) حيث صوت أكثر من 95% من أهل مايوت لصالح تحويلها إلى مقاطعة فرنسية، وهذه من أكبر الشبه التي يتعلق بها المنهزمون نفسيا، ويمكن الجواب على هذه الشبهة الواهية فيما يلي:

أولا : رغم أننا لا نقول بتحرير أي أرض إسلامية محتلة بالاستفتاء – نقول إن الاستفتاء الأول كان المعتبر فيه هو النتيجة الكلية للجزر الأربعة وليست نتيجة كل جزيرة على حدة كما سبق.

ثانيا: أن الأغلبية التي قيل إنها صوتت لصالح البقاء تحت الاحتلال في أول استفتاء معظمهم فرنسيون وبعضهم من الجيش الفرنسي كما أكد على ذلك المراقبون والمؤرخون.

ثالثا: أن الاستفتاء الأخير كانت نسبة المشاركة فيها قليلة جدا بل قاطع أهل مايوت هذا الاستفتاء وهذا ما حاول أن يخفيه الإعلام الفرنسي عن العالم، فلم تصل نسبة المشاركة إلى 60%، مع أن الكثير من الفرنسيين شاركوا أيضا في التصويت الأخير! بل صرح كثير من المخلصين في مايوت أنهم لن يتعبوا أنفسهم ليصوتوا لأن النتيجة معلومة مسبقا! [يعني فوز الاستعمار!].

رابعا: أن هذه المسرحية التي يسمونها استفتاء إنما الذي ينظمها هو المحتل نفسه بعد أن جيّش له كل ما يملك من الإمكانات والدعايات والإغراءات، وغزو فكري رهيب ضد المستضعفين استمر أكثر من قرن ونصف. ثم إنه ليس مقبولا حتى في موازينهم العالمية العلمانية – ليس مقبولا أن تأتي دولة إلى دولة أخرى وتجري فيها انتخابا أو استفتاء، وإلا فهل تسمح لنا فرنسا أن نجري استفتاء في أي حي من أحياء باريس أو في مرسيليا مثلا لنرى هل مسلموها يريدون الانضمام إلى جزر القمر أو السعودية أو أي دولة أخرى؟؟. إن شبهة الاستفتاءات في دولة ذات سيادة ذاتية مبدأ مرفوض حتى في عرفهم العلماني.

 

خامسا: أن أرض مايوت – بكل ما فيها، من البحر إلى البر- ليست ملكا لأهل مايوت وحدهم، بل هي ملك للقمريين كلهم، وإذا سلمنا بأن المايوتين اختاروا أن يكونوا فرنسيين فليس لهم أن يبيعوا أرض مايوت لفرنسا فضلا أن يهبوها لهم، وإلا فقد تصرفوا في ملك الغير بدون إذنه فبئس البيع بيعهم.

لا يستطيع أحد أن يمنع أحدا من أن يأخذ جنسية أية دولة يريدها أما أن يبيع مصالح أمة بكاملها فهذا مرفوض. فمن أراد أن يصبح فرنسيا فليعلم أن فرنسا في أوروبا وليست في إفريقيا وعليه أن يرحل إليها سواء كان من جزيرة القمر الكبرى أو الصغرى، أما الأرض القمرية فهي لأجدادنا وهي إسلامية قمرية وستظل كذلك ولو كره المشركون وأذنابهم.

سادسا: إن هناك استطلاعات علمية تؤكد بأن جماهير الشعوب في الدول الفقيرة يفضلون الاستعمار الغربي على الأنظمة الحاكمة عندهم! فهل تذهب فرنسا لتستعمر هذه الدول من جديد؟

 

ولعل من أحدثها استطلاع أجرته قناة الجزيرة الفضائية في برنامجه المشهور ( الاتجاه المعاكس بتاريخ الأربعاء 16/2/2010م) كان موضوع البرنامج : أيهما أرحم بالشعوب العربية؟ الأنظمة الحاكمة أو الاستعمار؟

فكانت النتيجة هذه المفاجأة: 68.3% من المصوتين يقولون “الاستعمار”!!

يعلق مدير البرنامج الدكتور فيصل قاسم على هذه النتيجة متهكما فيقول: ” الاستعمار يفوز!!!”.

 

أكرر فأقول ها هو الجمهور العربي المثقف يصوت لصالح الاستعمار الغربي بأغلبية ساحقة!! فلتذهب فرنسا لتستعمر الدول العربية من جديد بناء على هذا المنطق، عودوا إلى الجزائر فاحتلوها إن كنتم صادقين.. “فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين” البقرة 24.

 

الشبهة الثالثة: مبادرة الرئيس سامبي ” دولة … بإدارتين”

“Un Pays, Deux Administrations”

 

 

أطلق الرئيس القمري الحالي هذه المبادرة أمام الجمعية العمومية الماضية للأمم المتحدة بحضور قادة العالم.

يشرح صاحب هذه المبادرة – في لقاء خاص مع قناة الجزيرة على هامش مؤتمر الدوحة للمانحين لصالح جزر القمر- فيقول بالحرف: ” أنا طلبت منهم [يعني الفرنسيين] أن تعالوا يا جماعة نتفق: نترك لكم مايوته، بس اعترفوا بأنها جزيرة قمرية! ممكن نترك خمســـــين، ولو مائـــــــــة سنــــــة! كما هو كان النظام بين بريطانيا والصين في هونغ كونغ يعني على سبيل المثال. ولكن يبدو، لم يرحبوا بهذه الفكرة، فرنسا الآن تعمل كل ما كان بوسعها في إقناع أهالي مايوته بعدم مطالبتهم والتحاقهم بإخوانهم…”.انتهى كلامه.

والجواب على هذه الشبهة التي يسمونها مبادرة فيما يلي:

أولا: واضح أن هذه المبادرة السامبية معناها ومجملها: خذوا مايوت واتركوا لنا اسمها فقط! واستمروا في احتلالها وكلوا واشربوا فيها إلى ما شئتم. لذلك نقول : لا .. يا فخامة الرئيس.. لن ننحني لفرنسا ..ولن نتنازل عن شبر من أرض مايوت ولو لمدة ثانية واحدة، فعذرا سيادة الرئيس.

 

ثانيا: أن العدو الفرنسي– الذي يسمونه صديقا في كل مناسبة- هذا العدو نفسه رفض هذه المبادرة المذلة. بل غادر فرنسا وذهب بنفسه إلى جزر القمر (إلى مايوت) ليرد على هذه المبادرة بكل ما يملك من قوة البيان والفصاحة، ليهلك من هلك عن بينة، ولكي يسمعه الرئيس سامبي جيدا بلا واسطة ولا ترجمان، فقد اعتبر المحللون زيارة ساركوزي لمايوت وخطبته النارية فيها والتي افتتحها بالتحية القمرية- اعتبروا ذلك ردا مباشرا على مبادرة سامبي حيث قال بقوة جملته الشهيرة: ” مايوت هي فرنسا … ولن تستطيع أية قوة خارجية أن تقف أمامنا…وعليكم أن تتركوا النفاق!” وقد استوعب الرئيس القمري هذه الرسالة الشديدة اللهجة من السيد ساركوزي لذلك علق عليها بهدوء وبلهجة مغايرة تماما فقال: “…لكن يبدو، لم يرحبوا بهذه الفكرة!!”.

 

وفعلا هي ليست مبادرة بل مجرد “فكرة”، وشبهة مرفوضة تماما ، ولقد ردها العدو نيابة عنا “وكفى الله المؤمنين القتال”. فيجب على كل غيور أن يرفضها جملة وتفصيلا.

 

الشبهة الرابعة: أن هذه قضية سياسية ولا ينبغي لطلبة العلم الشرعي والملتزمين بالسنة أن يشغلوا أنفسهم بها بل يجب عليهم أن يصرفوا أوقاتهم في تعليم الناس العقيدة أولا:

 

كثيرا ما يردد مثل هذا الكلام بعض إخواننا الملتزمين بالسنة والمنهج الصحيح، ونحن نتفق معهم في وجوب البدء بالعقيدة والتركيز عليها في الدعوة والإصلاح أولا وقبل كل شيء، ولكن ليفهم هؤلاء الإخوة الغيورين الطيبين أن الدفاع عن مايوت والعمل من أجل تحرير أراضي المسلمين المغتصبة لا يتعارض مع هذا المبدأ أبدا، بل إن هذا العمل هو من صميم العقيدة ومن أهم الواجبات والقربات. فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، كما ثبت في صحيح مسلم، فكيف بدفع من يقتل المسلمين ويسلبهم أرضهم وديارهم وعرضهم؟.

إن دفع العدو الذي احتل شبرا من أراضي المسلمين واسترجاع تلك الأرض، فرض عين على أهل ذلك البلد ومن حولهم بإجماع العلماء ( وأنصح من يشك في هذا أن يقرأ هذه المسألة في المجلد28 من مجموع الفتاوى لابن تيمية) فستزول شبهته إن شاء الله.

 

إن الدفاع عن النفس والعرض والمال والدين من أوضح مقاصد ومسائل هذا الدين وهو منصوص في غيره من الملل والمذاهب القديمة والحديثة، بل هو من المسلمات عقلا، ثم إن كانت هذه سياسة كما يزعمون فإن الذين يفصلون الدين عن السياسة، هم العلمانيون وليس علماء السلف، حاشاهم، أما أهل السنة الجديرين بها فإنهم يعلمون جيدا بأن هذا الدين ما جاء إلا لسياسة دنيا العباد وإرشادهم ليهتدوا إلى مصالحهم الأخروية، لذلك ألف علماؤنا وأسهبوا في موضوع السياسة الشرعية. فإن كان الحديث عن قضية مايوت سياسة، فنعمت السياسة إذن.

 

ماذا يعني تحويل مايوت إلى مقاطعة فرنسية؟

إن تحويل مايوت إلى مقاطعة فرنسية يعني من بين ما يعني:

1. إلغاء المحاكم الشرعية الموجودة في جميع الجزر منذ بزوغ نور الإسلام في هذا البلد إلى اليوم، واستبدالها بالقانون الغربي الكافر.

2. تحريم ارتداء الحجاب والنقاب في الأماكن العامة كما هو الحال في جميع مقاطعات فرنسا- وما فائدة الحجاب إذا لم يرتدى في الأماكن العامة؟.

3. منع تعدد الزوجات الذي أحله الله لنا في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

4. مسح الهوية القمرية ولغتها وكل ما له صلة بتقاليدنا وتاريخنا المجيد وإحلال الحضارة والثقافة الغربية الماجنة محلها.

5. نهب ثرواتنا البحرية والبرية

6. قطع الأرحام وتفكيك الأسر الواحدة الممتدة في الجزر الأربعة

7. منع تنقل الدعاة بين الجزر الأربعة لتوعية الشعب وتعليم الناس أمور دينهم

8. استمرار زعزعة الأمن واستقرار الجزر الثلاث الباقية بإحداث الانقلابات وافتعال الأزمات السياسية الداخلية كي لا تتطور البلاد فلا يفكر أهل مايوت في العودة إلى إخوانهم.

9. إبقاء النفوذ الفرنسي في دول المحيط الهندي وسيطرة الممرات التجارية الإستراتيجية العالمية.

 

خطواتنا على طريق مايوت:

1- الإعداد الإيماني وترسيخ العقيدة الصحيحة فينا وفي أزواجنا وأولادنا، وخاصة عقيدة الولاء والبراء، والحب في الله والبغض فيه، هذا أول خطوة نحو فتح مايوت. فهؤلاء يحاربوننا بعقيدتهم الفاسدة الراسخة في قلوبهم، والحديد بالحديد يفلح. إن عقيدتنا هي تأشيرتنا إلى مايوت.

2- الإعداد العلمي، فيجب على الشعب القمري أن يأخذ مسألة التعلم بجد، وأن يكون هذا المشروع أكبر همّ كل شرائح المجتمع من أمهات وآباء وأزواج وأولاد لا يستثنى أحد في ذلك، فإن الأمم المتفوقة في العلم اليوم هي التي تملي شروطها على الآخرين وتحتل بلاد المستضعفين، وقد كان الزعيم الهندي المشهور غاندي رغم كفره- كان يقول لأمته: “ولأننا أمة فقيرة، يجب علينا أن نتعلم”. والله يقول وقوله الحق: “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”؟. وبهذا المشروع النهضوي العلمي وبإرسال البعثات الأكاديمية إلى الخارج، استطاع السيد مهاتير محمد أن ينقل دولة ماليزيا من براثن الدول الأشد فقرا ليضعها في مصاف الدول الصناعية الكبرى في العالم وذلك خلال عشر سنوات فقط!!

نحن أيضا لن ننهض بمد أيدينا إلى العرب أو العجم فيعطوننا أو يمنعوننا- رغم أهمية المساعدات الخارجية لو أحسِن استثمارُها-، بل سننهض يوم سنقرر أن نطلق الإسراف ثلاثا وندع تبذير الملايين في الحفلات التافهة، لننفقها في التعلم والتعليم. ويوم يصبح التعليم أهم مشروع للكبير والصغير، والغني والفقير، ذكرا كان أو أنثى، يومها أبشروا بفتح مايوت.

3- تعليم أزواجنا و أولادنا وأقاربنا هذه القضية وتاريخها وأبعادها وخطورتها على ماضي وحاضر ومستقبل جزر القمر كلها.

4- تشجيع طلبة العلم على تأليف كتب ورسائل جامعية، وقصائد شعرية، حول القضية ووضع جوائز تحفيزية لذلك.

5- شرح القضية لكل من يجهلها وعدم السكوت عند سماع من يقول بأن مايوت فرنسية، بل يجب الرد عليه مباشرة أيا كان، فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

6- استغلال وسائل الإعلام كلها لنشر قضية مايوت، كالتلفزيون والمجلات وفتح مواقع خاصة لهذه القضية، مع نشر آلاف المقالات على المنتديات والمواقع الاجتماعية كالفيس بوك وغيرها فهذه الوسائل لها تأثيرها البالغ الذي لا يكاد يخفى على أحد.

7- أن يبين العلماء والدعاة هذه القضية للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، ويضعوها في أجندتهم وتكون من أهم أولوياتهم، وأن يكونوا في الصف الأمامي لهذه القضية، وأن لا يتركوا المجال للعلمانيين الذين أثبتوا فشلهم في تحرير مايوت بعد أكثر من قرن ونصف. ينبغي أن يوجهوا دروسا ونداءات ومحاضرات دينية، بالصوت والصورة والكتابة إلى إخواننا في مايوت خاصة، لإقامة الحجة عليهم. وعلى الإخوة الملتزمين وطلبة العلم أن يلتفوا حول هؤلاء العلماء الربانيين والدعاة الصادقين المخلصين، وأن لا يتعجلوا النصر، وأن لا ينجرفوا تحت الحماسة الجياشة والعواطف العابرة، فتزل قدم بعد ثبوتها. وعليهم أن يحذروا كيد الأعداء فلا يقعوا في فخهم.

8- “استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين” الأعراف 128

9- قيام لجان متخصصة في مجالات مختلفة (كالقانون الدولي، والتاريخ…) لحمل قضية مايوت والدفاع عنها في المحافل الدولية.

10-فتح علاقات وقنوات التواصل بين الملتزمين بالسنة والمناصرين لهذه القضية في جميع الجزر الأربعة وخارجها، ولا بأس أن تنشأ جمعيات لهذا الغرض، لكن تذكر دائما أخي أنك “أنت الجماعة ولو كنت وحدك”!!.

11-أن يقوم العاملون في هذه القضية بوضع خطة جادة ولو كانت “خطة ألف سنة” ثم الشروع في تنفيذ هذه الخطة خطوة خطوة، إلى أن تتحرر مايوت بأيدينا أو بأيدي أحفادنا، ولو طالت المدة، فنحن فعلا قد نحتاج إلى عمر نوح عليه السلام أو أكثر! لكي نبني ما هدمه هذا العدو الفرنسي خلال قرن ونصف، ولكن المهم أن العاقبة للمتقين، ثم إننا لسنا مسئولين عن النصر بل الواجب علينا هو العمل، أما النصر فمن عند الله. فعلى كل منا أن يقدم شيئا لمايوت، كل في مجاله، ولو سأل كل واحد منا نفسه يوميا: ماذا قدمت لمايوت؟ لانقلبت الموازين ولتغير الوضع بإذن الله.

12-الإلحاح في الدعاء لأن الله تعالى على كل شيء قدير ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. ولقد جربت الدعاء في الشدائد والملمات فرأيت والله عجبا. فالدعاء الدعاء عسى الله أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض.

13-نشر دور تحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، وإعداد أكبر قدر من حفاظ كتاب الله، فبحملة القرآن يهزم جند الشيطان.

14-استخدام كل الوسائل المشروعة الممكنة الأخرى…،

وأختم هذا المقال بقول شاهد من أهلهم وعالم من علمائهم المعاصرين وهو البروفسور الدكتور باسكال بيري -والذي عمل في مايوت لمدة طويلة-، إذ يقول في كتابه المشهور (جزر القمر والمرتزقة الجدد):

“Les Comores ne sont donc plus ce petit archipel tranquille où la France coulait des jours paisibles”- Pascal PERRI, Comores les nouveaux mercenaires, p.112

 

ومعناه ” إن جزر القمر لم تعد إذَنْ، ذلك الأرخبيل الصغير الهادئ، حيث كانت فرنسا تقضي أياما آمنة” !!- ص112.

مايوت عودي

مايوت عودي إلى الرحمن واحتسبي * مايوت عودي إلى “الأحزاب” واحتجبي

يا أخت عودي إلى الفرقان واحتشمي * يا أخت توبي من الصلبان وانتحبي.

 

كنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى وأخشى الخوض في هذه القضية الخطيرة لأسباب!.. منها ندرة المصادر والمراجع في هذا الموضوع، فلما عزمت وشرعت في الكتابة إذ المراجع والمعلومات تنهال علي كالأمطار الغزيرة، فلا أدري والله ماذا أكتب وماذا أدع، فازددت يقينا بأن مايوت ملف ضخم، وموضوع طويل وحديث ذو شجون، إنها قضية مصيرية لن نمل من طرحها أبدا، إلا بعد إحدى الحسنيين….

 

وبعد… ألا يمكن أن نعود معا إلى حيث بدأنا ونقلب الموضوع؟ فنقول:

 

مايوت إسلامية … وعلى فرنسا أن ترحل منها…!

 

وكتبه الفقير إلى الله وحده:عبد الله شجاع /أبو أيوب القمري

المصدر: http://islamislands.webs.com/articles.htm

8 Comments

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، ليس من الأمانة العلمية أن تنقلوا مقالا لم تكتبوا ولا حرفا واحدا فيه إلا قولكم : “هل فعلا” فقط ثم لا تذكروا لا اسم الكاتب ولا عنوان الموقع المنقول منه…!!! لكنكم معذرون فليس وحدكم من قام بهذا بل سبقكم الكثير…ولا عجب فنحن في دنيا العجائب والكثير منا يريد أن يحمد بما لم يفعل…وليعلم القراء الكرام أن هذا المقال موجود على الرابط التالي مع اسم كاتب المقال الحقيقي في الأخير: http://islamislands.webs.com/articles.htm
    فإنا لله وإنا إليه راجعون…

    • القمرية

      الأخ الكريم، وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
      نشكرك أولا على هذا التوضيح وعلى حرصك على الأمانة العلمية ومن ثم نعتذر منك عن هذا التقصير فالمقال تم نقله من داخل بروفايل أحد الاخوة الذين يكتبون للموقع على أن الاخ لم يضع المصدر ولا ذكر الكاتب ولا أشار أنه منقول فنقلناه ظنا منا أنه هو الكاتب ولهذا ترى في المقدمة بواسطة: فلان ظنا منا أنه الكاتب أما عن الأمانة العلمية فاعلم أخينا أننا دائما نذكر المصدر ان كان الخبر منقول ويتم ارساله بواسطة: القمرية، بينما المقالات الأخرى تكون بواسطة: فلان كاتب المقال
      نشكرك مرة أخرى على حرصك والسلام

  • إخواني، أقدر لكم هذه الجرأة، وأعتذر إن بدرت مني كلمة أساءتكم، فلم أقصد إلا الحق ونسبة الفعل إلى فاعله مهما كان هذا الفاعل- لا غير- والله شهيد على ما أقول…وإلا فنحن في خندق واحد بارك الله فيكم…سسدد الله خطاكم وكلل أعمالكم بالنجاح…دمتم على خير وإنجاز.

    • القمرية

      السلام عليكم
      وفقك الله أخينا الكريم، ليس عليك أن تعتذر فلم يصدر منك إلا الحق بل نشكرك أن نبهتنا كي ننتبه أكثر في المرة القادمة
      وشكرا لك

  • الشاعر اندلس

    انا من الجزائر احييكم واتمنى ان تعيدو الجزيرة الى حضنكم وعليكم طلب المساندة من الدول العربية والاسلامية لاجراج فرنسا الاستعمارية في المؤتمرات الدولية حتى يعرف العالم حقيقة دولة حقوق الانسان..واريد ان استفسر عن العلاقات الجزائرية القمرية وهل يوجد تمثيل دبلوماسي في البلدين

  • جزرالقمر :هي4 اربع جزر وستظل 4واكثر الي يوم الدين ولكن فرنسا قريبا ليس ببعيد ستخسر فرنسا خسارة لم تشهدها اي دولة من قبل وانشاء الله حدثة نيس اصغر وغيره ولكن نصف فرنسا ستذهب الي الجحيم في الداخل والخارج انشاء الله لانهم يريد داعش وغيره ولكن قريبا خصوصا اروبا وهو خاصة وغيرهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *